فصل: باب من الفداء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح السير الكبير **


  باب من الفداء

قال‏:‏ ولا بأس بأن يفادى أسراء المسلمين بأسراء مشركين الذين في أيدي المسلمين من الرجال والنساء وهذا قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وهو أظهر الروايتين عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وعنه في رواية أخرى أنه قال‏:‏ ولا تجوز مفاداة الأسير بالأسير وجه ظاهر الرواية أن تخليص أسراء المسلمين من أيدي المشركين واجب ولا يتوصل إلى ذلك إلا بطريق المفاداة وليس في هذا أكبر من ترك القتل لأسراء المشركين وذلك جائز لمنفعة المسلمين‏.‏

ألا ترى أن للإمام أن يسترقهم والمنفعة في تخليص أسارى المسلمين من أيديهم أظهر وأيد ما قلنا حديث عمران بن الحصين رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم فادى رجلين من المسلمين برجل من المشركين من بني عقيل‏.‏

ووجه الرواية الأخرى عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ‏}‏ التوبة‏:‏ 5 وفي المفاداة ترك القتل الذي هو فرض ولا يجوز ترك الفرض مع التمكن من إقامته بحال‏.‏

توضيحه‏:‏ أن الأسراء صاروا مقهورين في أيدينا فكانوا من أهل دارنا فتكون المفاداة لهم لمنزلة المفاداة لأهل الذمة وذلك لا يجوز إذا لم يرض به أهل الذمة وليس في الامتناع من هذه المفاداة أكثر من الخوف على أسراء المسلمين ولأجله لا يجوز ترك قتل المشركين ولا يجوز إعادتهم ليصيروا حرباً لنا‏.‏

ألا ترى‏:‏ أنه يفرض الجهاد على المسلمين ليتوصلوا به إلى قتل المشركين وإن كان فيه معنى الخوف على نفوس المسلمين وأموالهم‏.‏

فإن أسلم الأسراء قبل أن يفادى بهم فإنه لا يجوز المفاداة بهم بعد ذلك لأنهم صاروا كغيرهم من أهل الإسلام فلا يجوز تعريضهم للفتنة بطريق المفاداة‏.‏

وكذلك الصبيان من المشركين إذا سبوا وكان معهم الآباء والأمهات لأنهم تبع للأبوي فلا يصيرون مسلمين وإن حصلوا في دارنا‏.‏

فأما إذا سبي الصبي وحده وأخرج إلى دار الإسلام فإنه لا يجوز المفاداة به بعد ذلك لأنه صار محكوماً له بالإسلام تبعاً لداره‏.‏

وكذلك إن قسمت الغنيمة في دار الحرب فوقع في سهم رجل أو يبعث الغنائم فقد صار الصبي محكوماً له بالإسلام تبعاً لمن تعين ملكه فيه بالقسمة أو الشراء في دار الحرب حتى إذا مات يصلى عليه وفي هذا بيان أنه إذا كان بالغاً تجوز المفاداة به بعد القسمة والبيع وهو قول محمد رحمه الله تعالى وأما عند أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يجوز ذلك لأن حكم صيرورته من أهل دارنا قد استقر بالقسمة والبيع حين تعين الملك فيه للمسلم فكان بمنزلة الذمي في هذه الحالة لا يجوز المفاداة به ومحمد رحمه الله تعالى يقول‏:‏ المعنى الذي لأجله جوزنا المفاداة به قبل القسمة والبيع موجود بعدهما وهو وجوب تخليص المسلمين من أيدي المشركين ثم بالقسمة والبيع يتعين معنى المالية فيهم وذلك علامة النقصان لا الزيادة‏.‏

ألا ترى‏:‏ أن مفاداة أسراء المسلمين بالماء جائز فتعين صفة المالية في هؤلاء بالقسمة والبيع ولا يمتنع جواز المفاداة‏.‏

والأصل فيه حديث عمران بن الحصين رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم افتدى يوم المريسيع سبي بني المصطلق بعدما جرت فيهم السهمان فأما مفاداة الأسراء من المشركين بالمال فإنه لا يجوز في قول علمائنا رحمهم الله تعالى لأن قتل المشركين إلى أن يسلموا بعد التمكن منه فرض لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ التوبة‏:‏ 5

وفي المفاداة بالمال ترك هذه الفريضة للطمع في عرض الدنيا وذلك لا يحل قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ‏}‏ الأنفال‏:‏ 67 نزلت يوم بدر حين رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في رأي أبي بكر رضي الله تعالى عنه حين أشار عليه بالمفاداة بالمال وقد كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه يتأسف على ذلك على ما روي أنه أسر في عهده أسير من الروم فطلبوا المفاداة به فقال‏:‏ اقتلوه فلقتل رجل من المشركين أحب إلي من كذا وكذا وفي رواية‏:‏ لا تفادوا به وإن أعطيتم به مدين من ذهب ولأنا أمرنا بالجهاد لإعزاز الدين وفي مفاداة الأسير بالمال إظهار مناً للمشركين أنا نقاتلهم لتحصيل المال فأما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء‏}‏ محمد‏:‏ 4 فقد بينا أن ذلك قد انتسخ بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ‏}‏التوبة‏:‏ 5 وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ‏}‏ الأنفال‏:‏ 68 تفسيرها لولا أني كنت أحللت لكم الغنائم ‏{‏لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏ بدليل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا‏}‏ الأنفال‏:‏ 9 ولئن كان المراد تجويز المفاداة‏.‏

فقد انتسخ ذلك بنزول قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ لأن سورة براءة من آخر ما نزلت وهو تأويل ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من المفاداة يوم بدر في النفوس بالنفوس عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه على ما رواه الأعرج أن سعد بن النعمان خرج معتمراً من البقيع بعد وقعة بدر ومعه زوجته شيخان كبيران وهو لا يخشى الذي كان فحبسه أبو سفيان بمكة وقال‏:‏ لا أرسله حتى يرسل محمد صلى الله عليه وسلم ابني عمرو بن أبي سفيان وكان أسر يوم بدر فمشى الخزرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلموه في ذلك فأرسله ففدوا به سعد بن النعمان وكذلك فدى الأسارى يومئذ بالمال على ما روي أن الفداء يومئذ كان أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى ألفين بألف على قوم لا مال لهم من عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها‏:‏ لما قدمت قريش في فداء أسرائها بعثت زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بفداء زوجها أبي العاص فكان فيما بعثت به قلادة كانت خديجة رضي الله عنها أدخلتها بها على زوجها فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم القلادة عرفها ورق لها ثم قال‏:‏ إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا إليها متاعها فعلتم ففعلوا ذلك‏.‏

وصح أن العباس رضي الله تعالى عنه فدى نفسه يومئذ بمال وفيه نزل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى‏}‏ الأنفال‏:‏ 70 وأشار محمد رحمه الله إلى تأويل آخر فقال‏:‏ قد كانوا يومئذ محتاجين إلى المال حاجة عظيمة لأجل الاستعداد للقتال وعند الضرورة لا بأس بالمفاداة بالمال وعليه يحمل أيضاً ما يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سبى الذراري والنساء من بني قريظة بعث بنصف السبي مع سعد بن زيد إلى نجد فباعهم من المشركين بالسلاح والحيوان وبالنصف الباقي مع سعد بن عبادة إلى الشام ليشتري بهم السلاح والكراع وإنما فعل ذلك لحاجتهم كانت إلى السلاح يومئذ وظاهر المذهب عندنا بأن المفاداة بالمال لا يجوز اليوم بحال وأن ما يروى في هذا الباب حكمه قد انتسخ وذكر تأويل المفاداة في سبي بني المصطلق فقال‏:‏ إنما فعل ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم ظهر على دارهم فافتدى بهم لئلا يجري عليهم الرق‏.‏

قال‏:‏ ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية بعدما افتديت لأن القوم أسلموا ولولا ذلك من تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما المكروه عندنا مفاداة المشركين بالمال ليردوا إلى دار الحرب فيكونوا عوناً على المسلمين وذكر عن قبيصة بن ذؤيب قال‏:‏ ليس يفدى العبد والذمي من بيت المال وبه نأخذ فإن العبد كان مملوكاً لمولاه وقد صار بالإحراز ملكاً لهم فإنما مولاه هو الذي يفديه بماله ليعيده إلى ملكه إلا أن يكون لمولاه مال فحينئذ ينبغي للإمام أن يفديه بمال بيت المال ثم لا سبيل لمولاه عليه بل يكون من عبيد بيت المال إلا أن يعطي مولاه ذلك الفداء وهو بمنزلة ما لو اشتراه مسلم منهم وأخرجه فأما الذمي فلا نصيب له في بيت المال ليفدى منه وإنما مال بيت المال معد لنوائب المسلمين فإنما يفدى أسراء المسلمين بمال بيت المال فإن طلبوا في مفاداة الأسير بالأسير أن نعطيهم بعض الصبيان الذين أسرناهم خاصة دون من أسرناهم معهم من الآباء والأمهات فلا بأس بذلك وإن كان في ذلك تفريق بينه وبين والديه لأن هذا التفريق بحق وحرمة المسلم الذي وجب تخليصه من المشركين أعظم من حرمة الصبي فلهذا جوزنا المفاداة به وإن كان بعد القسمة كما هو مذهب محمد رحمه الله تعالى‏.‏

واستدل عليه بحديث سلمة بن الأكوع قال‏:‏ غزونا مع أبي بكر رضي الله تعالى عنه هوازن فنفلني جارية فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ هبها لي فوهبتها له ففادى بها أسارى من المسلمين كانوا بمكة والملك في النفل قد تعين للمنفل له ثم جوز المفاداة به‏.‏

قال‏:‏ وإذا جاء رسول ملكهم يطلب المفاداة بالأسارى والمسلمون بعد في دار الحرب قد جعلوا الأسارى في مكان حصين وأخذوا على المسلمين عهداً بأن يؤمنوهم على ما يأتون به من الأسارى حتى يفرغوا من أمر الفداء وإن لم يتفق رجعوا بمن معهم من أسارى المسلمين فإنه ينبغي للمسلمين أن يفوا لهم بعهدهم وأن يفادوهم كما شرطوا لهم مالاً أو غير ذلك من أسارى المسلمين إلا أنه إن لم يتفق بينهم التراضي على المفاداة وأرادوا الانصراف بأسراء المسلمين وللمسلمين عليهم قوة فإنه لا يسعهم أن يدعوهم حتى يردوا الأسراء إلى بلادهم لأن حبس أسراء المسلمين ظلم منهم ولا يحل إعطاء العهد على التقرير على الظلم فيحق عليهم ترك الوفاء بهذا الشرط ونزع الأسراء من أيديهم من غير أن يتعرضوا لهم بشيء سوى ذلك فإن قيل‏:‏ أليس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شرط لأهل مكة يوم الحديبية أن يرد عليهم من جاء منهم مسلماً ووفى بذلك الشرط فإنه رد أبا جندل بن سهيل بن عمرو على أبيه سهيل بن عمرو ورد أبا نصير على من جاء في طلبه حتى فعل ما فعل قلنا‏:‏ نعم ولكن هذا حكم قد انتسخ بالكتاب قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ‏}‏ الممتحنة‏:‏ 10 وكان ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خاصة وقد علم وجه المصلحة فيه بطريق الوحي فقال‏:‏ لا يسألونني اليوم شيئاً إلا أعطيتهم إياه فأما اليوم فلا ينبغي أن نرد على المشركين مسلماً أو أن نترك أخذ المسلم من أيديهم إذا قدر المسلمون على ذلك بحال فإن أرادوا أخذهم فعرض لهم المشركون في ذلك فلينبذوا إليهم ثم ليقاتلوهم أشد القتال دون أسراء المسلمين حتى يستنقذوهم وإن كانوا شرطوا علينا أن نأتيهم بعدة من العلوج قد سموهم فلم نأتهم بهم أو أتيناهم ثم كان ترك المفاداة من قبلنا أو قبلهم فالجواب سواء ألا يكون بالمسلمين عليهم قوة فحينئذ يكونون في سعة من ترك قتالهم لأن عليهم حفظ قوة أنفسهم أولاً ثم العلو والغلبة إن تمكنوا منه‏.‏

وإن لم يعلم أن أسراء المسلمين معهم بأن لم يعاينهم ولم يقروا بذلك إلا أنا نظن بذلك ظناً فليس ينبغي أن ينتقض العهد الذي بيننا وبينهم لأنه إنما حل ذلك لاسترداد الأسراء منهم وإذا لم يكن ذلك معلوماً فبنقض العهد لا يحصل هذا المقصود وإن استأمن إلينا مماليكهم ونحن في المفاداة لم ينقض العهد أيضاً ويرد عليهم مماليكهم لأنا آمناهم على ما جاءوا به من الأموال فلا ينبغي لنا أن نتعرض بشيء من أموالهم‏.‏

فإن أسلم المماليك لم نردهم عليهم بعد الإسلام ولكنا نبيعهم أثمانهم بمنزلة المستأمن في دار الإسلام يسلم عبده ولكن يرد عليهم ما جاء المماليك به من أسلحتهم ودوابهم فإن قال المماليك‏:‏ نكون ذمة لكم لم يلتفت إلى ذلك ونردهم عليهم مع دوابهم وأسلحتهم لأنهم مماليك من لهم أمان منا وهم تبع للمالك فلا يصح منه قبول الذمة ولا يصير به من أهل دارنا‏.‏

وإن كان الذين أتونا بعض أحرارهم أخذوا منهم الكراع والسلاح والمال ثم دخلوا إلينا بأمان لم نتعرض لهم في شيء مما جاءوا به لأن الأمان كان بيننا وبينهم ولم يكن فيما بينهم أمان لبعضهم من بعض فما أخذوا به من المال قد صار ملكاً لهم ولا ينبغي أن نتعرض لهم في شيء من ذلك سواء أسلموا أو صاروا ذمة أو دخلوا إلينا بأمان‏.‏

وهو نظير ما لو كان بيننا وبين قوم من أهل الحرب موادعة فأخذ بعضهم مال بعض ثم جاء به إلى دارنا مسلماً أو ذمياً أو مستأمناً لم نتعرض لهم بأخذ شيء من ذلك من أيديهم‏.‏

ولو أن أسراء من المسلمين الذين جاءوا بهم للمفاداة هربوا إلينا قبل أن يقع الفداء فقالوا‏:‏ ردوهم إلينا للعهد لم نردهم لأنا ما أعطيناهم العهد على حبس أسراء المسلمين فإن ذلك ظلم منهم وإنما أعطيناهم العهد على نفوسهم وأموالهم وما كانوا يملكون الأسراء‏.‏

ثم ليس علينا أن نفي لهم بالفداء لأنا إنما شرطنا لهم رد أسرائهم بالمفاداة وقد وقع الاستغناء عن ذلك وإن تم التراضي على المفاداة بعلوج بأعيانهم ثم هرب أسراء المسلمين منهم بعد ذلك فالأفضل أن يوفى لهم بما صالحوهم عليه ليطمئنوا إلى المسلمين في مثله بعد اليوم ولا ينسبوهم للغدر وإن لم يفعلوا فلا شيء عليهم لأن تمام المفاداة بالأخذ والإعطاء فإذا وقع الاستغناء عن ذلك قبل تمام المفاداة لم يكن علينا رد شيء عليهم بسبب تلك المراوضة من علوج المشركين والأموال‏.‏

ولو أن الأسراء هربوا منهم إلى بلاد المسلمين ولم يأتونا بعدما وقع الصلح أو قبل ذلك لم يكن عليه أن يعطيهم شيئاً بخلاف ما إذا كانوا هربوا إلينا فللأفضل هناك أن نعطيهم ما شرطناهم لأنهم إذا خرجوا إلينا فنحن منعناهم فمن هذا الوجه يشبه هذا ما لو كانوا هم الذين أعطوهم إلينا فأما إذا خرجوا إلينا من جانب آخر إلى دار الإسلام فهم ليسوا في أيدينا فلا يلزمنا أن نفي لهم بالفداء الذي شرطنا إذا كانوا لا يرون علينا به شيئاً حقيقة أو حكماً بمنزلة ما لو مات الأسراء في أيديهم فكذلك إن هرب الأسراء أو كانوا أهل منعة فامتنعوا بأنفسهم‏.‏

لأنا لا نمنعهم الآن منهم لنفي لهم بما شرطنا‏.‏

وإذا هربوا إلينا ولا منعة لهم فنحن المانعون للأسراء منهم ألا ترى‏:‏ أنهم لولا مكاننا أخذوا فلهذا ينبغي لنا أن نفي بما شرطنا لهم‏.‏

وإن أرادوا رد الأسراء فقاتلهم الأسراء واستغاثوا بالمسلمين فليس يحل للمسلمين أن يخذلوهم لما بينا أن حبسهم للأسراء ظلم وما أعطيناهم العهد على الظلم فلا يحل للمسلمين أن يذروا المشركين يقتلون إخوانهم ولا يمنعوهم من ذلك إذا كانوا يقرون علي المنع‏.‏

وكذلك لا بأس للأسراء أن يقاتلوهم حتى ينقلبوا منهم إن أمنوهم أو لم يؤمنوهم لأنهم ظالمون في حبسهم‏.‏

ولو كان الذين في أيديهم عبيداً وإماء من المسلمين إلا أنهم كانوا أحرزوهم في دارهم فإنا نفي بالمفاداة التي شرطنا فإن لم يتفق ذلك نأخذهم منهم بالقهر لأنهم مسلمون فلا يحل تركهم في دار المشركين ولكنا نبيعهم ونعطيهم أثمانهم‏.‏

لأنهم مماليكهم لو أسلموا كأموالهم وقد أعطيناهم الأمان على أموالهم‏.‏

فإن قاتلهم العبيد فأراد المشركون قتلهم قاتلناهم مع العبيد حتى نستنقذهم لأنهم إخواننا في الدين فيجب استنقاذهم من قهر المشركين‏.‏

إلا أن المشركين إن كانوا في مأمنهم فقد تم نبذ الأمان بيننا وبينهم ثم أخذنا منهم العبيد بعد ذلك فلا نعطيهم شيئاً بمقابلتهم وإن كانوا في غير مأمنهم بعناهم وأعطيناهم أثمانهم لأن حكم الأمان بيننا وبينهم باق ما لم يصلوا إلى مأمنهم ومن لا يملك أهل الحرب من مدبر أو أم ولد أو مكاتب أو ذمي فهو بمنزلة الحر المسلم في جميع ما ذكرنا من الفصول ولو كان أسيراً في بعض حصونهم إذا أراد أن يشد على بعضهم فيقتله فإن كان يطمع في قتله أو في نكاية فيهم فلا بأس بأن يفعل ذلك وإن كان لا يطمع في ذلك فلا ينبغي له أن يفعله لأنه يلقي بيده إلى التهلكة من غير فائدة فإن الظاهر أنهم يقتلونه بعد هذا ويمثلون به‏.‏

وقد بينا هذا الحكم في حق من هو في الصف يقاتل وأنه قد فعل ذلك غير واحد من الصحابة منهم المنذر بن عمرو يوم بئر معونة ومنهم حمي الدبر عاصم بن ثابت يوم الرجيع يوم بني لحيان فإذا كان يجوز هذا للمقاتل إذا كان ينكر فعله فيهم فلأن يجوز للأسير كان أولى ولو خلوا سبيل الأسير وأعطوه الأمان على أن يكون في بلادهم فلا بأس للأسير أن يغتالهم ويقتل من قوي عليه سراً أو يأخذ ما شاء من أموالهم لأنه ما أعطاهم الأمان وإنما هم أعطوه الأمان وذلك لا يمنعه من أن يفعل بهم ما يقدر عليهم إلا أن يكون أعطاهم الأمان فحينئذ ينبغي لنا ألا نتعرض لهم بشيء من ذلك لأن ذلك يكون غدراً منه والغدر حرام‏.‏

ولكنه إن قدر على أن يخرج سراً إلى دار الإسلام فلا بأس بأن يخرج وإن كان أعطاهم الأمان من أن يفعل ذلك لأن حبسهم إياه في دارهم ظلم منهم له فله أن يمتنع من الظلم‏.‏

فإن منعه إنسان من ذلك فلا بأس بأن يقاتله ويقتله لأنه ظالم له في هذا المنع‏.‏

وإن كان يستعملونه في الأعمال الشاقة فاشتد ذلك عليه فشد على بعضهم ليقتله فإن كان فعله ينكئ فيهم فلا بأس بذلك وإن كان يعلم أنه لا ينكئ فيهم فالأولى ألا يفعله إلا أن يكونوا كلفوه من العمل ما لا يطيق فظن أن له فيما يصنع نجاة أو ترفهاً فحينئذ لا بأس بذلك لطلب النجاة‏.‏

وكذلك إن شد على السجان ليقتله فهو على التقسيم الذي قلنا وإن أمر بالسجود لغير الله تعالى وضربه الذي يمسكه على ذلك فلا بأس بأن يقتل العلج ويأبى السجود وإن علم أنه يقتل لأن ضرب العلج وقتله إن تمكن منه يكون نكاية فيهم لا محالة وفي إبائه السجود لغير الله تعالى إعزاز الدين فلا بأس بأن يفعله ولا يكون به معيناً على نفسه‏.‏

ولو قال الأسير لهم‏:‏ أنا أعلم الطب فسألوه أن يسقيهم الدواء فسقاهم السم فقتلهم فإن سقى الرجال منهم لم يكن به بأس لأن ذلك نكاية فيهم وأكره له أن يسقي الصبيان والنساء كما أكره له قتلهم‏.‏

إلا أن تكون امرأة منهم قد أضرت به وقصدت قتله فحينئذ لا بأس بأن يسقيها كما لا بأس بأن يقتلها إن تمكن من ذلك ولو أن أسيراً فيهم دلى نفسه من حصن أو سور مدينة ليهرب فسقط فمات فإن كان على طمع من أن ينجو حين فعل ذلك فلا بأس بما صنع لأن قصده السعي في نجاته والفرار بدينه كيلا يفتتن والمجاهد في كل ما يصنع على طمع من الظفر وخوف من الهلاك‏.‏

فإن كان هذا الفعل بتلك الصفة لم يكن به بأس وإن كان على يقين من الهلاك أو كان أكبر الرأي أنه لا ينجو فإنه يكره له هذا الصنيع لأنه يقتل به نفسه‏.‏

وهو نظير ما سبق إذا دلى نفسه في قدر من بعض المطامير ليقاتل العدو فإن كان يطمع أن ينكئ فعله فيهم لم يكن بما صنع به بأس وإن كان أكبر رأيه أنه يقتل ولا ينكئ فعله لم يسعه أن يفعل ذلك وإذا أسر العلج أو امرأته وولده فلا ينبغي للأمير أن يفاديهم بالمال لما قلنا وكذلك لا يبيعهم من أهل الحرب قبل إخراجهم إلى دارنا ولا بعده لأن هذا في معنى المفاداة من حيث إنهم يفادون إلى أهل الحرب بعد التمكن منهم بمال يؤخذ منهم‏.‏

وكذلك إن وقعوا في سهم رجل فليس لذلك الرجل أن يبيعهم من أهل الحرب وإن فعل ذلك رد الإمام بيعه وأدبه على ما صنع إن علم أنه فعله عن بصيرة لأنه قصد تقوية المشركين على المسلمين‏.‏

ولو جاء مشرك مستأمناً وله عبيد مسلمون قد أسرهم وأحرزهم وطلب أن يبيع بهؤلاء الحربيين فلا بأس للأمير أن يشتريهم بأولئك الحربيين ثم يجعلهم فيئاً للمسلمين إن كان لم يقسمهم فإن كان قسمهم فلا بأس لمن وقعوا في سهمه أن يشتري بهم العبيد المسلمين لأن هذا بمنزلة مفاداة الأسير بالأسير وذلك جائز في ظاهر الرواية إذ المقصود تخليص المسلمين عن ذل الكفار‏.‏

ويستوي في هذا عبيد المسلمين وأحرارهم لأن جواز ذلك لحرمة الدين‏.‏

وإن جاء بالعبيد معه فإن الأمير لا يدعه يرجع بهم بمنزلة عبيد كفار أدخلهم مع نفسه فأسلموا أو اشترى في دار الإسلام عبيداً مسلمين فإنهم مماليكه ثم يجبره الإمام على بيعهم كما يجبر أهل الذمة على ذلك فهذا مثله ولو كان دخل هذا المستأمن من عسكر المسلمين في دار الحرب أو دار الإسلام ومعه العبيد ثم طلب أن يبيعهم بأسراء المشركين فإن الأمير لا يمكنه من ذلك لأنه صار مجبراً على بيعهم بالدراهم والدنانير لما صار مقهوراً في أيدينا والعبيد معه فتمكينه من أن يبيعهم بأسراء المشركين بعد هذا يكون في معنى مفاداة الأسير بالمال بخلاف الأول فهناك قد جاء مستأمناً وليس العبيد معه فلم يصر هو مجبراً على بيعهم بالدراهم في الحكم‏.‏

توضيحه‏:‏ أن جواز المفاداة بأسراء المشركين بطريق الضرورة وذلك عند تحقق الحاجة إلى تخليص المسلمين من أيديهم ولا ضرورة ها هنا لإمكان التخليص بطريق آخر وهو الإجبار على البيع بالدراهم وتتحقق الضرورة حين لم يأت بالعبيد معه‏.‏

ولو كان جاء ليدخل بأمان فسألهم قبل الدخول أن يبيعوه أسراء سماهم بعبيد في يده من عبيد المسلمين قد سماهم فلا بأس بأن يجيب المسلمون إلى ذلك لأن الضرورة قائمة ما لم تصل يدنا إلى عبيد المسلمين وبعد الإجابة عليهم وجب أن يفوا له بذلك لأن الشرط لما صح وجب الوفاء به شرعاً‏.‏

قال‏:‏ ولو أن أسيراً في أيديهم أراد أن يقاتلهم وعنده أن فعله ينكئ فيهم ولكنه يقتل بعد ذلك فقد بينا أنه لا بأس بأن يفعل هذا لأنه داخل فيمن قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ‏}‏ البقرة‏:‏ وإن كان يعلم أن فعله هذا يضر بغيره من الأسراء في أيديهم فالأفضل ألا يفعل خصوصاً إذا كان نكايته فيهم لا تبلغ بعض ما يجب لأنه مندوب إلى النظر للمسلمين ودفع شر العدو عنهم ألا ترى أن المجاهد لهذا يقاتل المشركين فإن كان فعله هذا يصير سبب الإضرار بالمسلمين بأن يقتلوا أو يعذبوا فالأفضل له ألا يفعل ولو فعل لم يكن به بأس لأن مراعاة جانب غيره لا تكون أوجب عليه من مراعاة حق نفسه‏.‏

وإذا كان يجوز له هذا الصنيع مع علمه أنه يقتل إذا كان فعله ينكئ فيهم فلأن يجوز له ذلك وإن كان يخاف بسببه الإضرار بغيره من الأسراء كان أولى ولو أن سرية دخلت أرض العدو فكانوا بالقرب من عسكر عظيم من العدو لا يعلمون بهم فأراد رجل من المسلمين أن يحمل عليهم كرهت له ذلك لأن فعله هذا دلالة على المسلمين وليس بالمسلمين قوة على أن ينتصفوا منهم بعلمهم ولا رخصة في الدلالة على المسلمين ليقتلوا أو يؤسروا‏.‏

ولو كانوا علموا مكان المسلمين ولم يعرضوا لهم فلا بأس للمسلم أن يحمل عليهم إذا كان فعله ينكئ فيهم إلا أنه إذا خاف أن يقاتلوا المسلمين فيقتلوهم فالأفضل له ألا يفعل ذلك نظراً منه للمسلمين ألا ترى أن قوماً من المسلمين لو حاصرهم المشركون ولم يكن للمسلمين بهم طاقة فدعوهم إلى الصلح والأمان كان أفضل للمسلمين أن يصالحوهم ويقبلوا أمانهم وإن أبوا إلا قتالهم لم يكن به بأس كما فعله حمي الدبر حين عرضوا عليه الأمان فقال‏:‏ إني عاهدت الله قبل هذا ألا أقبل أماناً من المشركين فما زال يقاتلهم حتى قتل فعرفنا أنه لا بأس بذلك‏.‏

وإذا أسرت كتابية فوقعت في سهم رجل فدبرها أو استولدها وهي على دينها بعد ثم إن أهل الحرب أسروا منا رجلاً فأبوا أن يقبلوا منا الفداء إلا أن نفديه بتلك المرأة فإن رضي مولاها بذلك فلا بأس بالمفاداة بها كرهت هي ذلك أو رضيت به لأنها بهذه المفاداة لا تخرج من ملك مولاها فقد صارت بحيث لا يحتمل الانتقال من ملك إلى ملك لما ثبت فيها للمسلم من استحقاق الولاء‏.‏

وإنما ينقطع عن مولاها بهذه المفاداة خدمتها فكأنه جعل خدمتها فداء مسلم وذلك جائز لأن المنفعة بمنزلة المال فلا يكون حرمتها فوق حرمة المال‏.‏

ثم يجوز مفاداة الأسير للمسلم بالمال فبالخدمة أولى وأجوز وهذا لأنه لا يخاف على نفسها منهم فإنها على دينهم وإنما يرغبون في الفداء بها لإكرامها بسبب ثباتها على اعتقادها بيننا ولا معتبر لكراهتها ورضائها لأنها مملوكة ليس لها من أمر نفسها شيء‏.‏

فإن كره ذلك مولاها فليس ينبغي للأمير أن يفدي الأسير بها وإن كان يخاف القتل على الأسير منهم لأنها صارت بحيث لا تحتمل الإخراج من ملك مولاها بعوض ولا بغير عوض ومع بقاء ملك المولى فيها لا تجوز المفاداة بها بغير رضاء المولى فإن طلب المولى أن يعوض قيمتها على غير بيع من بيت المال فلا بأس للإمام أن يفعل ذلك لأنه عليه أن يفدي الأسير المسلم من بيت مال المسلمين وهذا في معنى ذلك إذ لا فرق بين أن يعطي المال إليهم ليتخلص الأسير وبين أن يعطي إلى مولى هذه الجارية ليرضى بأن يفادي الأسير بها‏.‏

ثم هذا المال لا يكون عوضاً عن ملكه فيها لأنها لا تحتمل النقل من ملك إلى ملك ولكنه عوض عن خدمتها وللمولى أن يعتاض عن خدمة المدبرة وأم الولد بطريق الإجارة فإن أخذها المسلمون من أهل الحرب بعد ذلك ردوها عليه لأن ملكه كان قائماً فيها ويسلم له العوض الذي كان أخذ لأنه إنما أخذ العوض عن خدمتها في المدة التي كانت عند أهل الحرب ولم يعد إليه ذلك‏.‏

ولو أبى أن يعطيها المسلم إلا أن يشتريها منه شراء كرهت له ذلك لأنها صارت بحيث لا تحتمل المبيع لما ثبت فيها من حق العتق‏.‏

فإن أخذوها منه كرهاً وفادوا بها غرم الإمام له قيمتها من بيت المال وهذا في المدبرة قولهم جميعاً لبقاء المالية فيها حتى أنها تضمن بالغصب فكذلك إذا أخذها الإمام بغير رضى مولاها لمصلحة رآها في ذلك فأما في أم الولد فهذا قولهما جميعاً وأما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى‏:‏ أم الولد لا تضمن بالغصب فلا يعطيه الإمام قيمتها من بيت المال‏.‏

وقيل‏:‏ بل هذا قولهم جميعاً لأنه إنما يعطيه قيمتها عوضاً عن خدمتها لا عن رقبتها كما لو رضي المولى بأن تؤخذ منه بقيمتها ولكن الأول أصح فقد ذكر بعد هذا أنها لو عادت إلى أيدي المسلمين ردوها عليه وأخذ الإمام منه القيمة التي كان أخذها فردها في بيت المال ولو كان ذلك عوضاً عن خدمتها لم يجب عليه ردها كما في الفصل الأول وكذلك قال‏:‏ لا أحب للإمام أن يأخذها منه كرهاً ولو كان ما يعطيه عوضاً عن خدمتها في هذه الحالة لجاز له أن يفعله بغير رضى المولى لما يرى فيه من المصلحة‏.‏

ولو كانت الأمة قنة والمسألة بحالها فلا بأس للإمام أن يقومها قيمة عدل فيدفع إليه القيمة ويفادي به المسلم لأن في امتناع المولى من المفاداة بها ضرار عظيم بالمسلمين‏.‏

وللإمام ولاية بيع المال على مالكه عند الضرر العظيم أما عندهما فظاهر فلأنه يحجر على المدين ويبيع عليه ماله دفعاً للضرر عن صاحب الدين وكذلك عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه فإنه يرى الحجر فيما يعظم فيه الضرر بالمسلمين وإذا ثبت للإمام ولاية البيع عليه فلا فرق بين أن يبيعها ويدفع إليه ثمنها وبين أن يقومها ويدفع إليه قيمتها ثم يفادي بها فإن فعلوا ذلك ثم وقعت في أيدي المسلمين فلا سبيل لمولاها عليها لأنها خرجت عن ملك مولاها حين باعها الإمام عليه ونفذ ذلك البيع فيها‏.‏

ولو كانت الأمة مكاتبة لم أحب للإمام أن يفادي بها إلا برضاها ورضى مولاها لأن ملك المولى قائم في رقبتها وقد صارت هي أحق بنفسها ومنافعها بسبب الكتابة فيعتبر رضاهما جميعاً في المفاداة بها‏.‏

وإن أخذها الإمام كرهاً ففادى بها فلا شيء للمولى على الإمام لأن المكاتبة لا تضمن بالغصب فإنها بمنزلة الحرة يداً ووجوب ضمان الغصب تفويت اليد‏.‏

ثم المولى ما كان له حق في كسبها ومنافعها وبهذا الأخذ ما فات ملك المولى فيها فمتى ما أخذها المسلمون ردوها عليه وكانت مكاتبة على حالها فإن كانت قد أدت بدل الكتابة فعتقت أو كان أعتقها مولاها ففي المفاداة بها يعتبر رضاها فقط لأنه لم يبق للمولى فيها ملك وهي بالعتق قد صارت حرة ذمية لكونها من أهل دار الإسلام‏.‏

فلا يجوز المفاداة بها إلا برضاها بمنزلة حرة أصلية من أهل الذمة أو حر منهم إذا طلبوا مفاداة الأسير به فإنه لا ينبغي للإمام أن يجيبهم إلى ذلك إلا برضاء الذمي فأما المسلم والمسلمة من الأحرار والمملوكين فإنه لا يجوز مفاداة الأسير بهم طابت أنفسهم بذلك أو لم تطب وطابت أنفس مواليهم أو لم تطب لأن خوف القتل على المسلم المدفوع إليهم كهو على المسلم المأخوذ منهم بخلاف الذمي فإنه يوافقهم في الاعتقاد والظاهر أنه لا يرضى بالمفاداة به إلا إذا كان آمناً على نفسه من جهتهم‏.‏

فإن دخل حربي منهم إلينا بأمان فطلبوا مفاداة الأسير بذلك المستأمن وكره ذلك المستأمن وقال‏:‏ إن دفعتموني إليهم قتلوني فليس ينبغي لنا أن ندفعه إليهم لأنه في أمان منا فيكون كالذمي إذا كره المفاداة به ولأنا نظلمه في التعريض بقتله بالرد عليهم والظلم حرام على المستأمن والذمي والمسلم ولكنا نقول له‏:‏ ألحق ببلادك أو حيث شئت من الأرض إن رضي المشركون بهذا منا لأن للإمام هذه الولاية في حق المستأمن وإن كان لا يخاف القتل على الأسير المسلم ألا ترى أنه لو أطال المقام في دارنا يقدم إليه في الخروج فعند الخوف على الأسير المسلم أو عند مفاداة الأسير بهذه المقالة إذا رضوا بها أولى أن تثبت له الولاية‏.‏

وإن قال المشركون للمسلمين‏:‏ ادفعوه إلينا وإلا قاتلناكم وليس بالمسلمين عليهم قوة فليس ينبغي للمسلمين أن يفعلوا ذلك لأنه غدر منا بأمانه وذلك لا رخصة فهو بمنزلة ما لو قالوا‏:‏ إن دنيتم وإلا قاتلناكم ولكن أن يقولوا له‏:‏ اخرج من بلاد المسلمين فاذهب حيث شئت من أرض الله تعالى فإن قالوا له‏:‏ اخرج إلى كذا من المدة وإلا دفعناك إليهم فقال لهم‏:‏ نعم‏.‏

ثم لم يخرج فإن طابت نفسه بالدفع إليهم فلا بأس بأن ندفعه وإن كره ذلك لم ينبغ لنا أن ندفعه إليهم لأنه آمن فينا ما لم يبلغ مأمنه فإن قيل‏:‏ مقامه فينا إلى مضي المدة دليل الرضاء بدفعه إليهم فينبغي أن نجعل ذلك كصريح الرضاء كما لو قال الأمير للمستأمن إن خرجت إلى وقت كذا وإلا جعلتك ذمة ثم لم يخرج فإنه يجعله ذمياً لوجود دلالة الرضاء منه بهذا الطريق‏.‏

قلنا‏:‏ هو كذلك إلا أن هذا دليل محتمل فلا يجوز تعريضه للقتل بمثل هذا الدليل ما لم يصرح بالرضاء برده عليهم فأما صيرورته ذمياً فهو حكم ثبت مع الشبهة ويجوز اعتماد الدليل المحتمل في مثله‏.‏

وإن طلب رجل من المشركين وهو ممتنع في ملكهم في بعض حصونهم أن يصالحه على أن يصير ذمة لنا فقال المشركون‏:‏ إن فعلتم ذلك قاتلناكم وقتلنا أسراءكم فإن كان بالمسلمين عليهم قوة فإن الإمام يجيبه إلى ذلك ولا يلتفت إلى ما قاله المشركون لأن الذمة خلف عن الإسلام في التزام أحكام الإسلام في الدنيا‏.‏

ولو رغب في الإسلام ولم يشكك أنه يقبل ذلك منه فكذلك إذا قبل عقد الذمة قلنا‏:‏ يقبل منه وإن لم يكن بالمسلمين عليهم قوة وخافوا على أنفسهم فلا بأس بألا يقبلوا ذلك منه ألا ترى أنه لو أسلم يجب علينا نصرته عند الخوف على المسلمين من العدو وإذا لم يكن بهم قوة عليهم فكذلك إذا طلب عقد الذمة وإن كان بالمسلمين عليهم قوة لأنهم يخافون على قتل أسرائهم فلا بأس بأن يقبلوا ذلك منه بمنزلة ما لو أسلم فإنه يجب القيام بنصرته وإن كان يخاف من ذلك على أسراء المسلمين ألا ترى أنه لا يترك القتال معهم لخوف القتل على أسراء المسلمين فكذلك لا يترك الإجابة إلى عقد الذمة لذلك‏.‏

فإن قالوا‏:‏ ندفع إليكم أسراءكم على ألا تقبلوا منه أن يكون ذمة لكم فهذا ينبغي للإمام ألا يقبله منهم لأن تخليص المسلمين من المشركين ليكونوا مقاتلة يذبون عن دار الإسلام خير من أني كون هذا ذمة للمسلمين‏.‏

فإن أجابهم الإمام إلى ذلك فخلوا سبيل الأسراء ثم لم يظفر المشركون بالمحصور فسأل المحصور أن يكون ذمة لنا أجبناه إلى ذلك لما بينا أن الذمة خلف عن الإسلام في التزام الأحكام به في الدنيا فإن قال المشركون‏:‏ هذا منكم نقض للعهد الذي عاهدتمونا عليه فلم يلتفت إلى كلامهم لأنا لا نتعرض لنفوسهم ولا لما في أيديهم ولكن هذا المحصور ممتنع منهم فلا يلزمنا الامتناع عن قبول الذمة منه بالشرط‏.‏

فإن قال المحصور‏:‏ لا أكون ذمة لكم ولكن أمنوني حتى أخرج إلى بلادكم فقال المشركون‏:‏ إن فعلتم ذلك به قتلنا أسراءكم فإن الإمام ينظر إلى ذلك فإن كان ما سأل المحصور من ذلك خيراً للمسلمين أجابه إلى ذلك وإن لم يكن فيه منفعة للمسلمين لم يجبه إلى ذلك لأن الإمام نصب ناظراً وعقد الآمان في الأصل مشروع لمنفعة المسلمين ففي كل موضع يكون فيه ضرر على المسلمين فللإمام ألا يجيبه إلى ذلك‏.‏

ولو قال المحصور‏:‏ أسلم وأنزل إليكم فقال المشركون للمسلمين‏:‏ إن فعلتم ذلك قاتلناكم وقتلنا أسراءكم فعلى المسلمين إجابة المحصور إلى ذلك سواء كان بهم عليهم قوة أو لم يكن وأشار إلى الفرق بين هذا وبين ما إذا طلب أن يكون ذمة لنا ولا قوة بنا عليهم فأكثر أصحابنا قالوا‏:‏ لا فرق في الحقيقة لأن في الموضعين إنما يلزمنا القيام بنصرته‏.‏

إذا كان بالمسلمين قوة على ذلك فأما إذا لم يكن فإنه لا يجب ذلك لأن حال هذا المحصور فيهم بعد ما أسلم لا يكون أقوى من حال أسير مسلم فيهم وإنما يجب القيام بنصرة الأسير والقتال لاستنقاذه إذا كان بنا قوة على قتالهم فأما إذا لم يكن لا يجب ذلك فهذا مثله‏.‏

إلا أن إسلامه صحيح بنفسه وعقد الذمة لا يتم به وإنما يتم بالمسلمين فأما إذا لم يكن بهم قوة على أهل الحرب لا يجب إجابته إلى ذلك فأما محمد رحمه الله يشير إلى الفرق بما ذكرنا أن مفاداة الأسارى بالمسلمين لا يجوز بحال رضي المسلمون به أو كرهوا والمفاداة بأهل الذمة يجوز إذا رضوا به فكذلك في هذا الموضع يجوز ترك الإجابة إلى عقد الذمة إذا لم يكن بهم قوة على الدفع عن المسلمين ولا يجوز الامتناع من قبول الإسلام منه والقيام بنصرته لأجل ذلك‏.‏

والعجوز الكبيرة المأسورة من المشركين تجوز مفاداتها بالمال لأنه لا يرجى لها نسل ولا يخاف منها قتال فليس في مفاداتها بالمال معنى تقوية المشركين على قتال المسلمين في الحال ولا في الثاني‏.‏

وقد بينا أنه عند حاجة المسلمين إلى المال جوز محمد رحمه الله مفاداة أسراء المشركين بالمال لأن الحال حالة الضرورة‏.‏

ألا ترى أن عند تحقق الضرورة يجوز بيع السلاح منهم فكذلك يجوز المفاداة بأسرائهم وأكثر مشايخنا على أن ذلك لا يجوز للحاجة إلى المال فإن فيه ترك القتل المستحق حقاً لله بالمال وذلك لا يجوز كقتل المرتد ومن عليه الرجم ولأنه في هذا إظهار المسلمين وصبياناً فأدخلهم دار الإسلام ثم لحقهم آباؤهم وأبناؤهم بأمان فقالوا‏:‏ نشتريهم منكم فليس ينبغي أن يباعوا منهم قبل القسمة ولا بعد القسمة إلا عند الحاجة الشديدة للمسلمين إلى المال في قول محمد رحمه الله وعلى ما قاله أكثر المشايخ لا يجوز ذلك بحال لأنه مبادلة السبي بالمال فطريق البيع فيه وطريق المفاداة سواء‏.‏

فإن قالوا‏:‏ نشتريهم ونعتقهم ونتركهم في بلادكم فهذا لا بأس به لأن المنع من إعادتهم إلى دار الحرب لما فيه من تقوية المشركين على قتال المسلمين بأعيانهم إذا كثروا أو بنسلهم وفي هذا الفصل لا يوجد هذا المعنى‏.‏

وإذا كان يجوز لمن وقعوا في سهمه أن يعتقهم فكذلك يجوز له أن يبيعهم ممن يعتقهم من أهل الذمة أو المستأمنين ولو جاء أهل الحرب بأسراء المسلمين وقالوا‏:‏ نفاديهم بفلان وفلان ولم يكن الذين طلبوا بحضرة الأمير والمسلمين فأعطوهم عهداً إن دفعوا إليهم بهؤلاء الأسارى ليبعثن إليهم بالذين طلبوا من المشركين فاطمأنوا إلى المسلمين ودفعوا الأسارى إليهم فالمستحب للمسلمين أن يفوا بما شرطوا لهم إذا دخلوا دار الإسلام لأنهم التزموا ذلك والمؤمنون عند شروطهم ولأنهم لو تركوا الوفاء بالمشروط لم يطمئنوا إلى المسلمين في مثله بعد هذا فربما يتضرر به المسلمون‏.‏

وإن لم يفعلوا ذلك كانوا في سعة منه لأن المقصود تخليص المسلمين وقد حصل وحبسهم أسراء المسلمين ظلم منهم فإنما شرطوا لأنفسهم ما شرطوا بمقابلة ترك الظلم وذلك لا يتعلق به اللزوم‏.‏

ولكن إذا كان في أسراء المسلمين عبيد فبدا لهم في الوفاء بذلك الشرط فعليهم أن يبعثوا إليهم بقيم العبيد لأنهم كانوا محرزين مالكين لهم فلذلك الشرط أعطيناهم الأمان في أملاكهم الذين يسلمونه إلينا وقد تعذر ردهم عليهم لإسلام العبيد فيجب رد قيمتهم بخلاف الأحرار فإنهم لم يملكوهم بالأسر‏.‏

ثم إن جاء مولى العبيد وأراد أخذهم كان له ذلك بالقيمة التي بعث بها المسلمون إليهم فإن أبي كانوا عبيداً للمسلمين لأن قيمتهم أديت من بيت المال فكأن المسلمين اشتروهم بها لبيت المال‏.‏

وإن كان المسلمون إنما افتدوا عبداً أسلم من أهل الحرب فهو حر حين اشتروه وقبضوه في قول أبي حنيفة وقيمته للمشركين في بيت مالهم لأن العبد حين أسلم فقد أستحق إزالة ملك الحربي عنه‏.‏

وإذا تم ذلك كان زوالاً بحرية كما لو خرج إلى دارنا مراغماً إلا أن تمام ذلك بالشراء والقبض جميعاً لأن زوال يد الحربي ما يكون بالتسليم وهو نظير ما بينا في السير الصغير إذا أسلم عبد الحربي فباعه في دار الحرب من حربي آخر وهذا بخلاف العبد المأسور من دارنا لأن ما بقي فيه من حق المولى مرعي فلمراعاة حقه لا يحكم بعتقه ومثله لا يوجد في الذي أسلم من عبيدهم‏.‏

وفي قول محمد رحمه الله تعالى هما سواء لأن الشراء والقبض سبب لثبوت الملك فلا يجوز أن يكون مبطلاً للملك بخلاف خروجه إلينا على سبيل المراغمة لأنه سبب لملك نفسه بطريق القهر والمملوك إذ ملك نفسه على مولاه عتق ولهذا لو كان خروجه إلينا بأمان لم يعتق ولكنه يباع ويدفع ثمنه إلى مولاه إذا جاء يطلبه‏.‏

لأن خروجه لم يكن على قصد المراغمة فلا يتملك به نفسه على مولاه‏.‏

فإن كان الأسراء الذين كانوا عندهم من المسلمين أحراراً فأبى مواليهم الذين طلبوهم أن يبيعوهم فرأى الإمام أن يقومهم ويعطيهم قيمتهم من بيت المال ويجبرهم على ذلك فلا بأس به لما فيه من الحاجة إلى تخليص أسراء المسلمين من أيديهم ولما في امتناعهم من الضرر العام وقد بينا أن للإمام ولاية الحجر على صاحب المال في مثله‏.‏

فإن كانوا صاروا مدبرين أو أمهات أولاد فأبى مواليهم أن يفعلوا أو كانوا قد أسلموا فإن الإمام يخبر أهل الحرب الذين أخذ منهم الأسراء أنه‏:‏ لا سبيل لدفع أصحابكم إليكم فإن شئتم دفعنا إليكم قيمتهم لأنه إنما شرط لهم إعطاء عبيد فأما ما كانوا عبيد المسلمين وقد تعذر إعطاؤهم فيعطيهم قيمتهم وإنما يعطيهم ذلك ليطمئنوا إلى المسلمين في المستقبل فيعلموا أنا نفي بالشرط وهذا المقصود إنما يحصل عند رضائهم فلهذا قدم استرضاءهم في ذلك فإن رضوا أعطاهم ذلك وإلا فلا شيء لهم لأنه لو بعث ذلك المال إليهم من غير أن يرضوا به كان فيه تضييع لذلك المال فإن المقصود به لا يحصل‏.‏

ولو كان مسلم في دار الحرب من أهل العسكر قهر علجاً فأخذه فقال العلج‏:‏ صالحني على أن أعطيك مائة دينار فأفتدي بها نفسي على أن تخلي سبيلي فليس ينبغي له أن يفعل به ذلك دون الأمير لأن المأخوذ صار أسيراً وللإمام رأي في الأسراء وليس لأحد من أهل العسكر أن يفتات على رأي الإمام‏.‏

فإن فعل المسلم ذلك به فأخرج له مائة دينار كانت معه فإنه ينبغي للمسلم أن يأخذ الدنانير ولا يخلي سبيله لأن الدنانير التي كانت معه صارت مأخوذة بأخذه فلا يجوز له أن يفادي بعض الغنيمة بالبعض ولكنه يأتى بذلك كله إلى الأمير‏.‏

وإن لم تكن الدنانير مع العلج ولكنه انتهى إلى حصن ممتنع فأخذ من أهله مائة دينار بطريق الاستقراض أو العطية فالأفضل بالمسلمين أن يردوا الدنانير على من أعطاها إياه سواء كانت من مال العلج أو من مال غيره لأن هذه الدنانير ما صارت مأخوذة بأخذ العلج لأنها لم تكن معه وإنما صارت في أيدي المسلمين بطريق الأمان بالصلح وقد بينا أنه لا ينبغي له أن يخلي سبيل العلج فيفتات على رأي الإمام في ذلك‏.‏

وإذا تعذر عليه المجيء بها جميعاً شرعاً كان عليه رد الدنانير والمجيء بالعلج إلى الأمير بخلاف الفصل الأول وهناك أخذهما جميعاً بالقهر فيتمكن شرعاً من المجيء بهما فإن أخذ الدنانير وأطلق العلج ثم جاء بها إلى الأمير وقص عليه القصة فإنه ينبغي للأمير أن يتقدم بالنهي إليه عن مثل هذا الصنيع في المستقبل ولا يعاقبه في المرة الأولى لأن فعله عن جهل منه فيعذره عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم ويأخذ الدنانير فيجعلها في غنيمة المسلمين لأنه توصل إليها بمنعة المسلمين وبسبب كان أصله قهراً فإن ظفر عسكر آخر من المسلمين بذلك العلج وأخرجوه إلى دار الإسلام بعد زمان وقال أهل العسكر الأول‏:‏ نحن أحق به لأن صاحبنا كان أخذه ثم أطلقه لم يكن له ذلك لأن الحق في المأخوذ لا يتأكد قبل الإحراز والإحراز فيه وجد من العسكر الثاني دون الأول‏.‏

وإن قال العلج لأهل العسكر الثاني‏:‏ لا سبيل لكم علي لأن صاحبكم فلاناً قد أمنني وأطلقني لم يلتفت إلى قوله لأنه بلغ مأمنه وانتهى ما كان له من الأمان من الذي كان أخذه أولاً‏.‏

ألا ترى أن الأمير نفسه لو كان فاداه أسراء من المسلمين ورأى أن يمن عليه أو أن يفديه بمال وخلى سبيله حتى عاد إلى مأمنه ثم أخذه المسلمون بعد ذلك كان فيئاً وهذا لأن الأمير إنما صالحه بالمفاداة على أن يكون آمناً حتى يصل إلى مأمنه لا على أن يكون آمناً في بلاده فما لم يصل إلى بلاده فهو في أمان من المسلمين أما بعد ما بلغ مأمنه فلا أمان له من المسلمين وإن كان أصابه المسلمون قبل أن يبلغ مأمنه فأخذوه فالأمير بالخيار إن شاء أجاز الصلح على مائة دينار وخلى سبيله وما أحب له أن يفعل ذلك لما فيه من مفاداة الأسير بالمال وإن شاء جعله فيئاً ورد الدنانير على أهل الحصن الذين أخذت منهم لأنه ما لم يبلغ مأمنه فحاله في معنى حاله في وقت الصلح ولو علم الإمام بحاله وقت الصلح كان له الخيار فيه كما بينا فهذا مثله والله